![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Jan 2010
رقم العضوية: 9635
المشاركات: 217
|
![]()
يقول الله - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ﴾[الأنعام:55] ولعل هذه المقالة الآتية عن شخصية "الجهم بن صفوان" تحقق شيئاً من تلك "الاستبانة" لسبيل المجرمين الضالين، وأمر آخر دفعني إلى الكتابة عن الجهم، وهو أن هذا "الجهم" الذي وصفه أحد أسلافنا - رحمة الله عليهم - وهو الذهبي - فقال عنه: (أسُّ الضلالة ورأس الجهمية[1]وأنه زرع شراً عظيماً)[2] فمع ما تضمنته مقالات الجهم من كفر وزندقة وإلحاد، وما خلّفه من فتنة وفساد وشر، مع هذا كله فإننا نجد من بعض الباحثين من يدافع عنه، ويحاول أن يوجد للجهم مسوغاً ومبرراً في انحرافه وإفساده، ويظهر - جلياً - تحامل هؤلاء الباحثين، بل طعنهم على أئمة السلف الصالح وأهل الحديث ممن تصدوا للذود عن العقيدة الصحيحة والذبّ عنها. وبين يدي ثلاث كتب تدافع عن الجهم وتتعاطف معه: فأما أولها فهو "تاريخ الجهمية والمعتزلة" لجمال الدين القاسمي[3] والذي عُرف بعقيدة صحيحة واستقامة ظاهرة وهو يدافع عن الجهم باسم الموضوعية والإنصاف! - كما سيأتي إن شاء الله - ولكن لكل جواد له كبوة و كل عالم له هفوة، وعفا الله عن القاسمي. فأما الكتاب الآخر هو "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام" الجزء الأول للدكتور علي سامي النشار حيث دافع النشار عن الجهم وشيخه الجعد بن درهم، ثم تحامل وطعن في علماء أهل الحديث. وأما الكتاب الثالث فهو "الجهم بن صفوان ومكانته في الفكر الإسلامي" لخالد العلي أحد الباحثين من بلاد العراق، حيث نافح عن الجهم متأثراً بمن سبق. وابتداءً أنقل لك أخي القارئ نبذة عن الجهم، فأقول مستعيناً بالله: هو أبو محرز جهم بن صفوان الراسبي مولاهم، السمرقندي (ت 128هـ) أما شيوخه فقد قال قتيبة: "بلغني أن جهماً كان يأخذ الكلام من الجعد بن درهم" [4] ويقول مقاتل بن سليمان "إن جهماً والله ما حج هذا البيت ولا جالس العلماء" [5] ولذا قال الذهبي "ما علمته روى شيئاً" [6] ومن ثم تلقى الجهم التعطيل والإلحاد في دين الله من هذا الجعد، وكان الجعد مؤدباً لمروان بن محمد - آخر خلفاء بني أمية - وكما يقول ابن تيمية "كان انقراض دولة بني أمية بسبب هذا الجعد المعطل وغيره من الأسباب التي أوجبت إدبارها" [7] ويقول أيضاً عن مقالة الجعد في التعطيل " أصل المقالة إنما مأخوذة عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصائبين، فإن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام هو الجعد بن درهم وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه " [8] أما عن مؤلفاته فلا تذكر المصادر - التي بين أيدينا شيئاً من مؤلفاته، غير أن عبد القادر الجيلاني في "الغنية" ذكر أن للجهم كتاباً في نفي الصفات [9] وعند ما نتحدث عن أحوال الجهم وبقية حياته وآرائه، فإننا نجد أن علماء السلف ذكروا طرفاً كثيراً من أحواله - خاصة كتاب الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد، وخلق أفعال العباد للإمام البخاري، والعلو للذهبي وغيرها - وسنذكر بعضاً من تلك الأخبار. "قال ضمرة عن ابن شوذب - ترك الجهم الصلاة أربعين يوماً على وجه الشك" [10] وسبق أن ذكرنا قول مقاتل بأن جهماً لم يحج البيت. " وقال أبو نعيم البلخي: - كان رجل من أهل مرو صديقاً لجهم ثم قطعه وجفاه، فقيل له: لم جفوته؟ قال جاء منه ما لا يحتمل، قرأت يوماً آية كذا، فقال: ما كان أظرف محمداً فاحتملتها، ثم قرأ سورة طه، فلما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طـه: 5]. قال: أما ولله لو وجدت سبيلاً إلى حكها لحككتها من المصحف، فاحتملتها، ثم قرأ سورة القصص، فلما انتهى إلى ذكر موسى قال: ما هذا؟ ثم رمى المصحف من حجره برجليه، فوثبت عليه " [11] وكما ترى - أخي القارئ - من خلال هذه الرواية الموثقة ما كان عليه الجهم من اعتقاد خبيث، وكفر ظاهر، فمرة تراه يزعم أن هذا القرآن من قول محمد صلى الله عليه وسلم، ومرة أخرى يتمنى أن يجد طريقاً إلى حذف تلك الآية التي تضمنت إثبات صفة الاستواء لله تعالى، ومرة ثالثة يصل به التمادي في الكفر إلى امتهان القرآن ورميه من حجره برجليه!! وعلى كل فإن الجهم - فعلاً - هو أسُّ الضلال ومستنقع إلحاد وكفر، فهو معطل - من غلاة المعطلة - في باب الصفات، وقائل بالجبر وأن الشخص كالريشة في مهب الريح لا فعل له ولا إرادة، وقائل بفناء الجنة والنار، وهو الذي زعم أن الإيمان هو المعرفة فقط فليس عمل القلب ولا قول اللسان ولا فعل الجوارح داخلاً ضمن مسمى الإيمان كما زعم أن الله - تعالى - في الأمكنة كلها [12] إلى غير ذلك من البدع الكفرية والأقوال الإلحادية. يقول ابن تيمية: - رحمه الله - "وحقيقة قول الجهم هو قول فرعون وهو جحد الخالق وتعطيل كلامه ودينه " [13] ويقول أيضاً: "كان الجهم (مجبراً) يقول: إن العبد لا يفعل شيئاً" [14] ويقول في موضع ثالث: " كان هو وأتباعه ينكرون أن يكون لله حكمة في خلقه وأمره، وأن يكون له رحمة ويقولون: إنما فعل بمحض مشيئته لا رحمة معها، و حكى عنه أنه كان ينكر أن يكون الله أرحم الراحمين وأنه كان يخرج إلى الجذمي فينظر إليهم ويقول: أرحم الراحمين يفعل مثل هذا بهؤلاء " [15] وقد وقع للجهم مناظرة معلومة مع السُمنية [16] نذكرها لك أخي القارئ - كما جاءت في الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد والعلو للذهبي، يقول الإمام أحمد - رحمه الله -: " كان ممن بلغنا من أمر الجهم عدو الله، أنه كان من أهل خراسان، من أهل ترمذ ، وكان صاحب خصومات وكلام، وكان أكثر كلامه في الله - تعالى - فلقي أناساً من المشركين يقال لهم السُمنية فعرفوا الجهم، فقالوا له: نكلمك فإن ظهرت حجتنا عليك دخلت في ديننا، وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا في دينك، فكان مما كلموا به الجهم أن قالوا له:- ألست تزعم أن لك إلهاً؟ قال الجهم: نعم، فقالوا له فهل رأيت إلهك؟ قال: لا، قالوا: فهل سمعت كلامه؟ قال: لا: قالوا أشممت له رائحة؟ قال: لا قالوا فوجدت له حساً؟ قال: لا، قالوا فما يدريك أنه إله؟ قال: فتحير الجهم فلم يدر من يعبد أربعين يوماً، ثم استدرك الجهم حجة مثل حجة زنادقة النصارى فقال للسمني: ألست تزعم أن فيك روحاً؟ قال: نعم، فقال، هل رأيت روحك؟ قال: لا، قال فسمعت كلامه؟ قال: لا قال: فوجدت له حساً؟ قال: لا، قال فكذلك الله لا يرى له وجه ولا يسمع له صوت وهو غائب عن الأبصار، ولا يكون في مكان دون مكان [17] وقد أورد الذهبي هذه القصة مختصرة، وأن الجهم ذكر للسُمنية أن الله هو هذا الهواء مع كل شيء، وفي كل شيء، ولا يخلو منه شيء [18] تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. ولنا مع هذه القصة وقفة، فكما تشاهد - أخي القارئ أن وقوع الجهم في هذا التعطيل لأسماء الله وصفاته له أسباب يمكن تتبعها من تلك القصة وغيرها. فالجهم لم يجالس العلماء ولم يرو شيئاً من الآثار - كما سبق ذكره - مع أنه عاش في زمان التابعين، حيث تكثر حلق العلم العامرة، ويتوافر العلماء الربانيون، ومن ثم كان قلبه قابلاً لأي باطل أو شبهة. |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
عضو متميز
تاريخ التسجيل: Jan 2010
رقم العضوية: 9635
المشاركات: 217
|
![]()
"إن الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر، ما أزالت يقينه ولا قدحت فيه شكاً، لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات، بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة" [19]. ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري يوم ذبائح القربان إذ قال إبراهيم ليس خليله كلام ولا موسى الكليم الداني شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قربان.[51] ومما قاله النشار: " وهناك عرف الجهم منهج الجعد وهو منهج التأويل وعدم الاهتمام بعلم الحديث، وقد راعه الحشو الهائل الذي أدخل في الحديث، كما راعه عدم اهتمام المحدثين " بالدراية " واقتصارهم فقط على الرواية ".[52] إن رمي أهل الحديث ووصفهم بالحشو وأنهم حشوية ليست أفكاراً جديداً بل قد قالها عمرو بن عبيد - أحد رؤوس الاعتزال - فوصف ابن عمر الصحابي الجليل بأنه حشوي، وتعود هذه الفرية من جديد كما هو ظاهر في هذا النص. وأما دعوى أن أهل الحديث لا اهتمام لهم بالدارية فهذه تهمة باردة وقديمة، ومن له إلمام واطلاع على كتب الحديث يدرك عناية السلف الصالح بمتون الأحاديث ونقدها، وقد ذكروا ضوابط وقواعد لهذا الفن.[53] وأخيراً أسأل الله - عز وجل - أن يرزقنا حسن الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وبالله التوفيق. ـــــــــــــــــ [1] سير أعلام النبلاء 6/ 26. [2] ميزان الاعتدال 1/426. [3] حاول بعض الباحثين التشكيك في نسبة كتاب تاريخ الجهمية للمؤلف، ولكن الباحث إبراهيم الحسن في رسالته للماجستير (القاسمي ومنهجه في التفسير) بجامعة الإمام /كلية أصول الدين أثبت صحة نسبة الكتاب للقاسمي، وذكر أن هذا الكتاب نشر في مجلة المنار في حياة المؤلف، وربما أن حب القاسمي للتقريب والاتحاد بين الفرق الإسلامية هو الذي دفعه إلى ذلك، لكنه أخطأ في سلوك هذا المسلك فغفر الله له. [4] خلق أفعال العباد للبخاري ص 8. [5] عقائد السلف ص 110 (ملحق في الجهمية من كتاب مسائل الإمام أحمد لأبي داود) وقال أبو معاذ خالد بن سليمان البلخي لم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم. [6] ميزان الاعتدال 10/ 426. [7] الفتاوى 13 /182. [8] الفتاوى 5/ 20. [9] انظر الغنية 1/ 94. [10] خلق أفعال العباد ص 11، وقال محقق الكتاب (أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني): إسناده جيد. [11]المرجع السابق ص 20 وقال محقق الكتاب (أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني) إسناده صحيح، ورواه عبد الله بن الإمام احمد في السنة، ورواه الذهبي في(االعلو) وقال الألباني: سنده صحيح. [12] من أفضل الكتب وأوسعها في ذكر آراء الجهم مع الرد والدحض، هو كتاب التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لأبي الحسين محمد بن أحمد الملطي - رحمه الله -، ص 96-144 [13] الفتاوى 13/185. [14] الفتاوى 12/350. [15] الفتاوى 8/460. [16] السمنية نسبة إلى سومنات بلدة بالهند، وهو البوذية (عن حاشية عقائد السلف ص 65). [17] الرد على الزنادقة والجهمية (ضمن عقائد السلف) ص 65، 66. [18] مختصر العلو ص 162، وقال الألباني عن إسناد هذه القصة إسنادها صحيح. [19] مفتاح دار السعادة لابن القيم 1/140. [20] أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 4/722. [21] رواه اللالكائي في أصول اعتقاد أهل السنة، وكذا الآجري في الشريعة. [22] خلق أفعال العباد للبخاري ص 89. [23]انظر صحيح الجامع الصغير 5/146 رقم الحديث 5509. [24] الرد على الزنادقة والجهمية (ضمن عقائد السلف) ص 64، 65. [25] الاعتصام للشاطبي 1/221 بتصرف يسير. [26] ميزان الاعتدال 4/173. [27] خصائص التصور الإسلامي ص 19. [28] انظر مثلاُ كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، والرد على الجهمية للدارمي وأصول الاعتقاد للالكائي، واجتماع الجيوش الاسلامية لابن القيم وغيرها. [29] السنة لعبد الله بن الإمام أحمد 1/109، 111. [30] خلق أفعال العباد ص 13. [31] تاريخ الجهمية والمعتزلة ص 9. [32] انظر المرجع السابق ص 16. [33]المرجع السابق ص 18 وهل لأحد الاجتهاد في الصفات؟ وقارن كلامه هنا بكلامه في تفسيره 5/94-147! [34] انظر المرجع السابق ص 20. [35] المرجع السابق ص 28. [36] الرد على الجهمية ص 171. [37] المرجع السابق ص 176 ولقد قال ابن القيم عن الجهمية: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان. [38] خلق أفعال العباد ص 11. [39] تاريخ الجهمية ص 30. [40] تاريخ الجهمية ص 23. [41]الجعد بن درهم / أول من قال بخلق القرآن، وأنكر الصفات، وكان مؤدباً للخليفة الأموي الأخير مروان بن محمد / قتله خالد بن عبد الله القسري في عيد الأضحى 124هـ وهو من خراسان، حيث قال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً ثم نزل فذبحه في أصل المنبر / البداية 9/ 350. [42] خالد القسري، تولى الإمارة على الحجاز ثم العراق، كان فصيحاً بليغاً اشتهر بالكرم والجود رُمي بالنصب توفي مقتولاً سنة 126هـ / البداية 10/20. [43] تاريخ الجهمية ص 42. [44] قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 16/202"والعجب أنه أموي / شيعي". [45] البداية والنهاية 11/ 263. [46] انظر كتب السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني / وليد الأعظمي [47] البداية والنهاية 10/180. [48] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1/ 332. [49] نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1/331. [50] الفتاوى 12/350. [51] شرح النونية / محمد هراس 1/27. [52] نشأة الفكر الفلسفي 1/333، 334. [53]انظر مثلاً كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة وكتاب المنار المنيف لابن القيم وكتاب اهتمام المحدثين بنقد الحديث سنداً ومتناً لمحمد لقمان. منقول موقع عبدالعزيز العبداللطيف |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
عضو متميز
تاريخ التسجيل: May 2010
رقم العضوية: 9751
الدولة: ليبيا
المشاركات: 326
|
![]()
شكر الله لك. |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
ضيف
تاريخ التسجيل: Nov 2013
رقم العضوية: 12977
الدولة: مصر حفظها الله من المبتدعة والحزبيون
المشاركات: 4
|
![]()
السلام عليكم ورحمة الله |
![]() |
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|